وهم الشخصية الاعتبارية للمنشآت الفردية بين الممارسة القضائية وصحيح القانون اليمني

هل للمنشات الفردية من محلات تجارية ومؤسسات تجارية فردية ومستشفيات شخصية اعتبارية ولها حق التقاضي

قانون الشركات اليمني

المحامي عبدالكريم أحمد مشرح

12/8/20251 دقيقة قراءة

وهم الشخصية الاعتبارية للمنشآت الفردية: بين الممارسة القضائية وصحيح القانون اليمني

بقلم المحامي/ عبدالكريم أحمد مشرح

يعج الواقع العملي في أروقة المحاكم التجارية والمدنية في اليمن، وكذا في صياغة العقود واتفاقات الضمان، بظاهرة قانونية شائعة تكاد تصبح عرفاً مستقراً، وهي التعامل مع "المنشآت الفردية" (محلات، متاجر، مؤسسات فردية) بصفتها ذواتاً قانونية مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية، لها حق التقاضي وعليها واجب الالتزام، بمعزل عن ملاكها الحقيقيين.

وهنا نتساءل من منظور قانوني بحت: هل لمحلات "كذا" أو مؤسسة "كذا" الفردية شخصية اعتبارية تخولها أن تكون خصماً في الدعوى؟

أولاً: التأصيل القانوني للشخصية الاعتبارية

حدد القانون المدني اليمني في المادة (40) الأشخاص الاعتبارية على سبيل الحصر (الدولة، الشركات التجارية، الأوقاف، الجمعيات...)، ولم يدرج المشرع "المنشأة الفردية" ضمن هذا التعداد. كما أن قانون الشركات التجارية ميز بوضوح بين الشركات التي تكتسب الشخصية المعنوية بالقيد والشهر، وبين التاجر الفرد.

ثانياً: مكمن الخطأ الشائع (المنشأة والذمة المالية)

يقع الكثير من الزملاء، وحتى بعض الأحكام القضائية، في خلط مفاهيمي خطير، حيث يتم رفع الدعوى باسم (محلات مدينة الشمس) أو (مستشفى الأمل الخاص) -كمثال- وكأنها شركة مساهمة أو ذات مسئولية محدودة.

والحقيقة القانونية هي:

  1. 1)وحدة الذمة: المنشأة الفردية لا تعدو أن تكون عنصراً من عناصر الذمة المالية للتاجر الفرد، ولا تنفصل عنه.

  2. 2)انعدام الأهلية: الاسم التجاري (عنوان المحل) ليس شخصاً ليكون له أهلية التقاضي. فالجدران واللافتات لا تقاضي ولا تُقاضى.

ثالثاً: خطورة هذا الخطأ على سلامة الأحكام

إن قبول الدعاوى المرفوعة من أو ضد "الاسم التجاري المجرد للمنشأة الفردية" ينطوي على مخاطر قانونية جسيمة، منها:

  1. انعدام الصفة: وفقاً لقانون المرافعات، يشترط في الخصم أن يكون ذا صفة وأهلية. والمنشأة الفردية فاقدة للأهلية القانونية، مما يجعل الدعوى -نظرياً- حريةً بعدم القبول أو البطلان.

  2. إشكالات التنفيذ: صدور حكم ضد "محلات س" قد يعيق التنفيذ على الأموال الخاصة لمالكها (منزله، سيارته) إذا تمسك المنفذ ضده بحرفية الحكم الذي لم يذكره بشخصه، مما يضطر المحكوم له لخوض منازعات تنفيذ جديدة لإثبات تبعية المحل للمالك.

  3. إشكالات الضمان: رأينا عقود ضمان يكون فيها المكفول "محلات كذا"، وهذا يبطل الكفالة في بعض الأوجه لأن الكفالة التزام في ذمة، والمحل لا ذمة له.

رابعاً: الاستدراك الواجب

رغم أن المحاكم العليا والدرجات الأدنى قد تتساهل في هذا الأمر تغليباً لظاهر الأوراق واستقرار المعاملات، إلا أن الدقة المهنية تقتضي العودة إلى جادة الصواب القانوني.

والصحيح في صياغة العقود وصحف الدعاوى: أن يتم التعامل مع المالك (الشخص الطبيعي) بصفته الأصلية، واعتبار المنشأة صفة تابعة له.

  • الخطأ: "المدعى عليه: محلات الوفاء التجارية".

  • الصواب: "المدعى عليه: فلان بن فلان الفلاني - مالك محلات الوفاء التجارية".

ختاماً

إن تصحيح شكل الخصومة ليس ترفاً لغوياً، بل هو ضمانة لاستقرار المراكز القانونية وتسهيل إجراءات التنفيذ. وعليه، ندعو الزملاء القانونيين والقضاء التجاري الموقر إلى إعادة النظر في قبول الدعاوى المرفوعة بأسماء مستعارة لكيانات لا وجود لها قانوناً إلا بوجود أصحابها.

(تم إعداد هذه المادة البحثية والاستشارة القانونية بالاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة (Gemini) كأداة مساعدة في البحث والصياغة، وتحت إشراف وتنقيح المحامي عبدالكريم أحمد مشرح).ntent